لا حول ولا قوة إلا بالله...لقد قمت بجولة بعد العشاء لأرى مظاهر الإستعداد للعيد أعاده الله علينا بالخير و اليمن و البركات فهالني ما رأيت...إن كل ما رأيته من مظاهر العيد هو السيارات المحملة بالميكروفونات و تدعوا المسلمين إلى صلاة العيد كل حسب فرقته و حزبه ناهيك عن التنافس في الهدايا و المغريات لجذب المسلمين للصلاة كل حسب ساحته التي إختارها و تحدثت مع كثير ممن قابلتهم فلاحظت نبرة إستياء شديد لدى الناس فبعضهم قال " مش مصلي إلا في الجامع اللي جنب البيت" و الآخر قال " أهه ناخد الهدايا و بعد كده فكك منهم" . و الله ما وجدت أحداً يدافع عنهم إلا من قال لي " معلش ضروري نستحملهم اليومين دول ...الظروف أقوى منهم "الفكرة يا إخواني أن هذا يمكن أن يصبح مما ابتليت به الأمة من فقدان المعنى الرائع في البناء الأخوي والرابط الإيماني, حيث دب الاختلاف والتفرق, وانحاز كثير من أهل الإيمان إلى شعب وفِرق، فأصبح الولاء للفرقة والجماعة قبل أن يكون لله تعالى ورسوله, فغلب الهوى, ودخل الشيطان بين المتحابين بعد أن يئس أن يعبد في ديار الإسلام فمن المستفيد من إهتزاز صورة الإسلاميين لدى الشارع . يجب أن يكون هناك رجل رشيد بين هؤلاء الناس
هذه العصبية للمسميات من أسباب الضعف الظاهر للأمة، حيث أن هؤلاء الصفوة من الشباب الإسلامي لو اجتمعوا تحت راية واحدة مبنية على الأسس المشتركة بينهم, لهابهم الشرق والغرب, ولكن هيهات هيهات, فتسفيه الآخر والحمية للمسميات أخذت فينا مآخذ شتى, والعجب كل العجب أن العدو مشترك, ولا يخاف فينا جميعاً مع اختلاف مسمياتنا إلأً ولا ذمة, قال تعالى { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } .
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله "وفي هذا تحذير للمسلمين من تشتتهم وتفرقهم فرقاً، كل فريق يتعصب لما معه من حق وباطل, فيكونون مشابهين بذلك المشركين في التفرق، بل الدين واحد, والرسول واحد, والإله واحد, وأكثر الأمور الدينية وقع فيها الإجماع بين العلماء والأئمة, والأخوة الإيمانية قد عقدها الله وربطها أتم رباط، فما بال ذلك كله يلغى ويبنى التفرق والشقاق بين المسلمين يضلل بعضهم بعضاً ويتميز بعضهم على بعض؟؟ فهل هذا إلا من أكبر نزغات الشيطان, وأعظم مقاصده التي كاد بها للمسلمين؟؟ وهل السعي في جمع كلمتهم وإزالة ما بينهم من الشقاق المبني على ذلك الأصل الباطل إلا من أفضل الجهاد في سبيل الله, وأفضل الأعمال المقربة إلى الله وما بناء هذا التفرق إلا
على ثوابت الجهل والعصبية،
قال ابن القيم رحمه الله
وتَعَرَّ من ثوبين من يلبسهما يلق الردى بمذلة وهــــوان
ثوب من الجهل المركب فوقه ثوب التعصب بئست الثوبان
وليعلم كل مسلم أنه بهذا التفرق ما يزيد الإسلام إلا ضعفاً ووهناً في وقت تكالب فيه الأعداء على الأمة, { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ }
اللهم اجمع شمل المسلمين, وفرّج كرب المكروبين