أخاف أن تكتب معصية !!
لنقرأ سوياً القصة و لكن بتمعن شديد حتي تري كيف نجا العابد الزاهد من يد السلطان الجائر
بعث أبي جعفر "أحد من اشتهر بضرب الرقاب و سفك الدماء و إرهاب الرعية رغم أنه سلطانهم " إلى مالك بن أنس, و ابن طاوس فحضرا إليه و هو جالس على فرشة, و بين يديه أنطاع قد بسطت و جلادون بأيديهم السيوف يضربون الأعناف, فأومأ إلى مالك و ابن طاوس بالجلوس فجلسا, ثم أطرق أبو جعفر زماناً طويلاً ثم رفع رأسه و ألتفت إلى ابن طاوس و قال : حدثني عن أبيك .
قال ابن طاوس : سمعت أبي يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل أشركه الله تعالى في ملكه, فأدخل عليه الجور- الظلم- في حكمه".
فأمسك أبو جعفر ساعة حتى اسود ما بينه و بينهما, ثم قال مالك في نفسه : لأضمن ثيابي مخافة أن ينالها شئ من دم ابن طاوس.
ثم قال أبو جعفر : يا ابن طاوس ناولني هذه الدواه, فأمسك عنه, فقال أبو جعفر : ما يمنعك أن تناولنيها؟, قال: أخاف أن تكتب معصية فأكون شريكك فيها.
فلما سمع أبو جعفر هذا الكلام قال : قوما عني
فقال ابن طاوس : (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ) الكهف 64
فقال مالك : فما زلت أعرف لابن طاوس فضله من ذلك اليوم
قصة عظيمة جداً, وقف ابن طاوس أمام سلطان لا يتفاهم إلا بقطع الرقاب, و اشتد عليه في الكلام, و لم يخش إلا الله فنجا و فاز و سجل له التاريخ ما قد كان.