التَّعْـديـن عملية الحصول على المعادن ومواد أخرى من الأرض. وتشمل هذه المواد مركبات الفلزات ، والمواد غير المعدنية مثل الفحم الحجري والرمل والزيت والغاز الطبيعي, وكثيرًا من الأشياء الأخرى المفيدة.
ويوفر التعدين الحديد والنحاس اللازمين لصناعة الطائرات والسيارات والثلاجات. وتمدنا المناجم أيضًا بملح الطعام والذهب والفضة والماس لصناعة الحلي والفحم الحجري اللازم للوقود. ويُستخرج اليورانيوم للطاقة النووية، والأحجار للاستخدام في المباني، والفوسفات لنمو النباتات, والحصى لرصف الطرق.
تُستخرَج بعض المعادن بتكلفة أقل من معادن أخرى؛ نظرًا لوجودها على سطح الأرض. وتوجد بعض المعادن بعيدة عن سطح الأرض، وهذه تستخرج -فقط- بالحفر العميق في باطن الأرض, وتوجد عناصر أخرى في المحيطات والبحيرات والأنهار.
ظل الناس ـ منذ آلاف السنين ـ يحصلون على المعادن من الأرض، وقد قاموا بحفر الحُفَر والأنفاق للحصول على حجر الصَّوَّان ـ والصَّوَّان حجر صلب استخدمه الأنسان في صناعة العُدَدَ والأسلحة ـ وبحلول عام 3500 قبل الميلاد تمكن الناس من تعدين القصدير والنحاس. وخلطوا هذين الفلزين لصناعة البرونز، وهو سبيكة صلبة. وصنعت من هذه السبيكة عُِدَد وأسلحة أفضل من تلك المصنوعة من الصوان. ولعل قدماء الرومان أول من أدرك أن التعدين يمكن أن يجعل الأمة غنية وقوية. فقد تاجَرَ الرومان في الأحجار والمعادن النفيسة وجلبوا الثروة للإمبراطورية الرومانية، كما استولوا على المناجم في كل دولة غزوها.
وقد اضمحلت الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي. ومنذ ذلك التاريخ ولفترة ألف عام لم يطرأ إلا تقدم ضئيل على صناعة التعدين, ثم حدثت قفزة بعد ذلك في التعدين في القرن الخامس عشر الميلادي، حيث استُخرِج حينذاك الفحمُ الحجريُّ والحديد والمعادن الأخرى في أوروبا، خاصة في ألمانيا والسويد وفرنسا, كما تطور التعدين في أمريكا الجنوبية أيضًا خلال نفس الفترة، حيث استخدم هنود الإنكا وقبائل أمريكا الجنوبية الأخرى المعادن لصناعة العُدَد والحُليِّ والأسلحة
يقول العالم الفرنسي برتلو، في كتابه تاريخ علم الكيمياء: "إن العلم البشري الأول وُلِدَ من صناعات التعدين البدائية. أي حينما اهتدى الإنسان لصنع الخلائط المعدنية، وقام بتزجيج الفخار, وصنع الزجاج وصبغ الأقمشة، وتعلم استعمال الميزان...".
ويقول ديورانت، في كتابه تاريخ الحضارة: "إن النحاس كان أول معدن استخدمه الإنسان فيما نعلم، في أعلى مجرى الرافدين، في عصر يرجع إلى(4500ق.م). ثم نجده في المقابر في مصر، ويرجع عهده إلى مايقرب من (4000ق.م). ونجده كذلك في آثار أور في زمن يرجع إلى 3000ق.م
وكان سكان وادي النيل من أوائل الشعوب التي اكتشفت الذهب والفضة منذ فجر التاريخ. ذلك لأن هذين المعدنين يُصادَفان بشكل حبيبات من المعدن الحر، تجتمع على شكل عروق في باطن الصخور. وبتأثير السيول والأمطار تتفتت تلك الصخور وتتحرر منها الحبيبات التي تُصادَف بين الرمال في مجاري السيول والأنهار والموجودة خاصة في جنوب وادي النيل.
أما النحاس فقد اكتشف في صحراء سيناء على شكل فلزات كبريتية، واستحصلوه منها بإحراقها بعد مزجها بالفحم النباتي الذي يرجع الأكاسيد المعدنية، ويحرر المعدن.
ونظراً لِلِّيونة وقابلية التطريق، اللتين يتمتع بهما الذهب والفضة والنحاس، فقد صنعوا منها كثيراً من الأواني والأدوات والحلي، فاستعملوا بعضها للزينة وبعضها لتحضير الطعام. وقد أبدع المصريون في صنع التحف والتماثيل الذهبية، كما أبدع اليمنيون في صنع الحلي والأسلحة الفضية
تحياتي لكم ....